مرحلة المراهقة تُعد ولادة جديدة للطفل، حيث يمر بتغيرات جسدية ونفسية وعاطفية كبيرة. هذه المرحلة غالباً ما تكون مليئة بالتحديات التي تؤثر على العلاقات الأسرية، حيث يصبح التواصل بين الأهل والمراهق أكثر تعقيدًا. في هذه الفترة، يحتاج المراهق إلى دعم عاطفي وفهم من الأسرة لمساعدته على تجاوز هذه التغيرات. تعزيز العلاقات الأسرية في هذه المرحلة يساعد على بناء جسر من الثقة والتواصل الإيجابي، مما يسهل على المراهق التعبير عن مشاعره والتكيف مع التحديات الجديدة، خاصة عندما يتعلق الأمر بـ كيفية التعامل مع المراهق المستفز. ولكن متى يصبح الأمر مشكلة تستحق العلاج؟ دعونا نتعمق في هذا الموضوع لفهم أفضل لسلوكيات المراهقين وكيفية التعامل معها.
🧠 معلومات تهمك عن فترة المراهقة
يؤكد علماء التربية أن فترة المراهقة أشبه بولادة جديدة للطفل؛ حيث إنها مرحلة انتقالية تزيد فيها العلاقة تعقيداً وتوتراً بين الآباء والأبناء. ومن هنا تنشأ المشكلات وتُثار التساؤلات؛ حيث تتحول سلوكيات الابن المراهق إلى تصرفات مستفزة وغير لائقة تجاه الوالدين، الذكور منهم بشكلٍ خاص، مثل التحدث بنبرة صوت غير مناسبة، وإظهار عدم المبالاة بتوجيهات الوالدين، وتجاهل الاستماع إليهم.
🧠 التغيرات الدماغية والهرمونية
في العقدين الأخيرين، أكد الباحثون أن الدماغ يمر بتغيرات هائلة في مرحلة المراهقة، وأنها تشهد حالة فريدة دماغياً وهرمونياً. وبسبب هذا، يمكن أن تتغير حالة المراهق المزاجية بسرعة. والحقيقة أنه لا يستطيع التعامل دوماً مع مشاعره المتغيرة، ولا التحكم في ردود أفعاله تجاه الأحداث غير المتوقعة، وقد يؤدي هذا أحياناً إلى حساسية مفرطة، وغضب وفظاظة، وتعبير مستفز.
🛑 خطوات كيفية التعامل مع المراهق المستفز
- تجنب أخذ الأمر بشكل شخصي
يُنصح بعدم أخذ كل ما يقوله أو يفعله المراهق على محملٍ شخصي. بدلاً من الشعور بالغضب تجاه هذه التصرفات، يُمكن مواجهة المراهق وإخباره بشكلٍ صريح أن عليه ألا يتعامل مع والديه بهذه الطريقة المستفزة، ثم تركه والابتعاد عنه. هذا الأسلوب يساعد في تقليل التوتر ويمنح المراهق فرصة للتفكير في تصرفاته.
- وضع حدود وعواقب سلوكية واضحة
يمر المراهق بمرحلة مليئة بالتغيرات، الجسدية، والنفسية، والعاطفية، والاجتماعية، والمعرفية؛ ما يجعله غير متوازن تماماً في تصرفاته وأفعاله. ولهذا يحتاج بشكلٍ عام إلى وضع حدود وقواعد سلوكية واضحة تضبط سلوكه. إذ يحدث في محاولة المراهق لتحقيق الاستقلالية عن والديه، والحصول على المزيد من الخصوصية، نجده يعترض ويُحاول استفزازهم والتقليل من احترامهم. وعلى الوالدين في هذه الحالة عدم التفاعل مع أي تجاوزات للحدود والقواعد.
- تعزيز السلوك الإيجابي
يُمكن التخلص تدريجياً من سلوكيات المراهق المستفزة وغير المحترمة مع الوالدين، من خلال التركيز على بناء السلوكيات المرغوب فيها والمحترمة مع الوالدين، وكذلك مدح المراهق والثناء عليه عندما يتصرف بطريقةٍ لائقة وغير مستفزة. هذا الأسلوب يعزز الثقة بالنفس ويشجع المراهق على تكرار السلوكيات الإيجابية.
- تجنب الخوض في نقاشات لا فائدة منها
غالباً لا تكون هناك نتائج إيجابية عند الجدال مع المراهق المستفز؛ حيث سينتهي الأمر بمشاعر غضب عارمة. لذا يُنصح بتجنب الجدال معه من الأساس وتجاهل تصرفاته المستفزة. وفي حال الاضطرار إلى الخوض في نقاشٍ معين، يُنصح بالحفاظ على الهدوء ومراعاة التحدث بنبرة صوت معتدلة، وإذا اشتد الخلاف يُفضل تأجيل النقاش إلى وقتٍ آخر.
🤔 لماذا تسوء علاقة الطفل بوالديه؟
تُعد مرحلة المراهقة واحدة من أكثر المراحل العمرية تعقيداً وتأثيراً في حياة الفرد، حيث يمر الشاب أو الفتاة بتحولات جسدية، نفسية، وعاطفية كبيرة. ومن بين أبرز التحديات التي تواجه المراهقين هي الاستقلالية العاطفية، وهي عملية يبدأ خلالها المراهق في اكتشاف ذاته كشخص مستقل عن والديه أو مقدمي الرعاية، ويبدأ في تشكيل هويته الخاصة.
التصرفات “المستفزة” وعلاقتها باكتشاف الذات
خلصت العديد من الدراسات النفسية والاجتماعية إلى أن الكثير من التصرفات التي قد تبدو “مستفزة” أو غير مقبولة من قبل المراهقين، مثل العناد، التمرد، أو حتى الوقاحة، هي في الحقيقة جزء طبيعي من عملية نموهم. هذه التصرفات ليست بالضرورة عيباً في شخصية المراهق، ولا تعني أنها ستستمر معه طوال حياته. بل هي تعبير عن محاولته لفهم نفسه، وتحديد مكانته في العالم من حوله.
على سبيل المثال، عندما يرفض المراهق اتباع تعليمات والديه أو يتصرف بعدوانية، قد يكون ذلك محاولة منه لتأكيد استقلاليته، وليس بالضرورة رغبة في إثارة المشاكل. هذه المرحلة هي جزء من عملية النضج، حيث يبدأ المراهق في اختبار الحدود، واستكشاف قدرته على اتخاذ القرارات بمفرده.
الاستقلال العاطفي: عملية طبيعية ولكنها معقدة فهو أحد الجوانب الرئيسية في نمو المراهق. خلال هذه المرحلة، يبدأ المراهق في الاعتماد أكثر على نفسه عاطفياً، بدلاً من الاعتماد الكامل على والديه. هذه العملية قد تكون صعبة على الأهل، خاصة إذا كانوا معتادين على أن يكونوا المصدر الرئيسي للدعم العاطفي لأطفالهم.
ومع ذلك، فإن تحقيق الاستقلال العاطفي هو أمر ضروري لنمو الشخصية بشكل صحي. فهو يساعد المراهق على تطوير مهارات التعامل مع الضغوط، اتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية. كيفية التعامل مع المراهق المستفز تتطلب فهمًا عميقًا لهذه المرحلة الحرجة، حيث أن السلوك المستفز قد يكون تعبيرًا عن رغبته في تأكيد استقلاليته. بدون هذه العملية، قد يجد المراهق نفسه عاجزاً عن مواجهة تحديات الحياة لاحقاً.
🌱 أمور عليك تقبلها من المراهق
- تقبل أن ابنك يكبر
يصعب على بعض الآباء أن يفقدوا شعورهم بأهميتهم في حياة أبنائهم، ولا يتقبلون بسهولة أن ذلك الطفل أصبح أكثر إقبالاً على الأصدقاء، ولم يعد ينظر إليهم بوصفهم أبطالاً. وفي الجانب الآخر نقول للآباء والأمهات: دوركم لم ولن ينتهي؛ فالابن سيظل بحاجة إليكم، ولكن هذا الاحتياج تحول من اعتماده الطفولي عليكم إلى الحب والثقة والمشاركة.
- لا تأخذ الأمر بشكل شخصي
عليك أن تدرك طبيعة المراهقة، وأن تصرفات ابنك الاندفاعية أمر وقتي في حياته، ولا تدل على قلة احترامه لك بقدر ما تدل على ما يخوضه في هذه الفترة من تغيرات. لهذا؛ تقبل ولا تدع صدمتك من قلة الاحترام التي يبديها المراهق تنسيك أنه ابنك الذي يُعد استقراره النفسي وخروجه من فترة المراهقة إلى مرحلة النضج مكوناً لراحة بالك.
- أعطه مسؤوليات
ينضج المراهقون أسرع في المجتمعات التي يتحملون فيها مسئوليات مبكرة، ويكونون أقل عرضة لمشكلات المراهقة، بشرط أن تكون تلك المسؤوليات مناسبة لهم، ومفيدة في اكتسابهم خبرات حياتية. أما المراهقة/ المراهق المدلل المُعْفَى من الالتزامات، الذي يطول عليه وقت الفراغ في التنقل بين النوم، واللعب، وتصفح الهاتف؛ فسيلجأ تلقائياً إلى الجدال، وأسلوب الحوار العنيف، وإبداء الملل والسخرية للتعبير عن الذات والاستقلال العاطفي.
4. تقبل وتحكم ولا تدع فظاظته تشتت انتباهك
مرحلة المراهقة مليئة بالأمور الجدية التي تحتاج إلى تركيز واهتمام الأبوين، أكثر من استهلاك الطاقة في المشاحنات بسبب قلة الاحترام المتصورة من قبل الآباء. والمتعارف عليه تربوياً؛ أن التركيز على الخطأ غالباً ما يؤدي إلى استمراره وزيادته، في حين تجاهله كثيراً ما يكون أكثر فاعلية. لا تستجب إلى فظاظة ابنك/ ابنتك بالصراخ والتهديد، اكتفِ بنظرة غاضبة، أو توبيخ قصير، ولا تدع فظاظتهم العارضة تشتتك عن الموضوع الرئيسي.
5. اضبط الأمور
لا يعني تفهم الحالة الدماغية والهرمونية للمراهق، وما ينتج عنها من تأثيرات سلوكية، أن يتقبل الوالدان كل ما يقوم به. كن هادئاً مهما كان غضبك الداخلي، وأكد له أنك لا تقبل مثل هذه الطريقة في الحوار. أَنْهِ المناقشة وغادر المكان، وأخبر ابنك أو ابنتك المراهقة استعدادك للحوار إذا غيَّرا طريقتهما. اسحب بعض الميزات منه إذا أصر على أسلوب الاستفزاز وتقليل احترامك. كن حاسماً في العقاب، ولا تطل الجدال، ولا تقبل التفاوض، ودعه يفهم أن العواقب لا يمكن التراجع عنها
6. تقبَّله في كل حالاته وعامله باحترام
كثيراً ما يردد الآباء أنهم يعاملون أبناءهم المراهقين باحترام ولطف، رغم أنهم لا يلقون منهم إلا الفظاظة. وهنا نقطة مهمة ينبغي التنبه إليها، وهي أن احترام المراهق له أبعاد أكثر من احترام الطفل؛ فهو الآن بحاجة إلى تطبيق أشمل للاحترام:
- تحترم خصوصيته؛ فلا يشعر بأنك تراقبه، أو لا تصدقه، فتتعقب محادثاته، أو تتأكد من أصدقائه.
- تحترم هواياته واهتمامه وتنقله بينها؛ فلا تجعل ذلك مادة للسخرية منه، أو التشكيك في جديته.
- تنصت له وتتحدث إليه بأسلوب يحترم عقله، وألا تعتمد على القسوة في العقاب، أو التحدث عنه بشكل غير لائق.
7. تقوية العلاقة
السلوكيات الفجة من المراهق كثيراً ما تدل على الضغط والقلق الذي يعاني منه؛ لذا فإن شعوره بالحب والاهتمام، ووجوده في أسرة متماسكة ومتفهمة عنصر أساسي. تقوية العلاقة مع المراهق من خلال الحوار الهادئ والتفهم يمكن أن يقلل من حدة التصرفات المستفزة ويساعده على اجتياز هذه المرحلة بسلام.
الخاتمة
التعامل مع المراهق المستفز يتطلب صبراً وحكمة من الوالدين. فهم يحتاجون إلى التوازن بين وضع الحدود وتقبل التغيرات التي يمر بها المراهق. باتباع النصائح المذكورة، يمكن للوالدين تحويل هذه المرحلة الصعبة إلى فرصة لتعزيز العلاقة مع أبنائهم ومساعدتهم على النمو بشكل صحي وسليم.